الاثنين، 10 سبتمبر 2012

أسيد بن حضير - صاحب الصوت الجميل

>>>>>>> أسيد بن حضير - صاحب الصوت الجميل - <<<<<<<

إنه أسيد بن حضير بن عبد الأشهل الأنصارى -رضى الله عنه- يكنى أبا يحيى وأبا عتيك، فارس قومه ورئيسهم، فأبوه حضير الكتائب زعيم الأوس، وواحد من كبار أشراف العرب فى الجاهلية... كان أسيد يكتب بالعربية ويحسن السباحة والرمي، وكانوا فى الجاهلية يسمون من كانت فيه هذه الخصال بالكامل...فلما إصطفاه الإسلام، وهدى إلى صراط العزيز الحميد، تناهى عزه..وتسامى شرفه..ولقد كان إسلامه يوم أسلم سريعآ، وحاسمآ وشريفآ..فقد أسلم أسيد بعد بيعة العقبة الأولى، عندما بعث النبى مصعب بن عمير إلى المدينة سفيرآ للإسلام، فجلس هو وأسعد بن زرارة فى بستان، وحولهما أناس يستمعون إليهما، وبينما هم كذلك، كان أسيد بن حضير، وسعد بن معاذ زعيما قومهما يتشاوران فى أمر مصعب بن عمير الذى جاء يدعو إلى دين جديد.فقال سعد لأسيد: إنطلق إلى هذا الرجل، فإزجره، فحمل أسيد حربته وذهب إليهما غضبان، وقال له: ما جاء بك إلى حيِّنا ، تسفه ضعفاءنا؟ إعتزلنا، إذا كنت تريد الحياة... فقال له مصعب: أَوَ تَجْلِس فتسمع، فإن رضيت أمرنا قبلته، وإن كرهته كففنا عنك ما تكره؟ فقال أسيد: لقد أنصفت، هاتِ ما عندك.. فأخذ مصعب يكلمه عن الإسلام ورحمته وعدله، وراح يقرأ عليه آيات من القرآن، فأشرق وجه أسيد بالنور...ولم يكد مصعب ينتهى من حديثه حتى صاح أسيد قائلاً: ما أحسن هذا الكلام وأجمله، كيف يصنع من يريد أن يدخل فى هذا الدين؟ فقال له مصعب: تطهّر بدنك وثوبك، وتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ثم تصلى...فقام أسيد مسرعًا فإغتسل وتطهر ثم صلى ركعتين معلنًا إسلامه..،ثم قال لمصعب : إن ورائى رجلاً (أى سعد بن معاذ) إن إتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه، وسأرسله إليكما الآن... وعاد أسيد إلى سعد بن معاذ، وما كاد يقترب من مجلسه، حتى قال سعد لمن حوله: أقسم، لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذى ذهب به، ثم قال له سعد: ماذا فعلت؟ فقال أسيد: كلمت الرجلين، فوالله ما رأيت بهما بأسًا، وقد نهيتهما، فقالا لى: نفعل ما أحببت، ثم قال أسيد لسعد بن معاذ: لقد سمعت أن بنى حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه، وهم يعلمون أنه إبن خالتك، فقام سعد غضبان وفى يده حربته، ولما وصل إلى مصعب وأسعد وجدهما جالسين مطمئنين، عندها أدرك أن هذه حيلة من أسيد لكي يحمله على السعى إلى مصعب لسماعه، وإستمع سعد لكلام مصعب وإقتنع به وأعلن إسلامه، ثم ذهب مع أسيد بن حضير إلى قومهما يدعوانهم للإسلام، فأسلموا جميعًا...وقد إستقبل أسيد النبى لما هاجر إلى المدينة خير إستقبال،وقد آخى رسول الله بينه وبين زيد بن حارثة...وظل أسيد يدافع عن الإسلام والمسلمين، فحينما قال عبد الله بن أبى بن سلول لمن حوله من المنافقين أثناء غزوة بنى المصطلق: لقد أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل... وتألم رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرآ، وقابله أسيد فقال له النبى عليه السلام: أوما بلغك ما قال صاحبكم..؟؟ فقال أسيد: هو والله الذليل، وأنت العزيز يا رسول الله، فلما هدأ رسول الله قال له أسيد:إرفق به، فوالله لقد جاءنا الله بك، وإن قومه لينظمون له الخرز (حبات يطرز بها التاج) ليتوجوه على المدينة ملكًا، فهو يرى أن الإسلام قد سلبه ملكًا...ويروى عنه أنه كان من أحسن الناس صوتآ بالقرآن حتى إن الصحابة كانوا يعدون الإستماع لصوته وهو يرتل القرآن إحدى المغانم الكبرى ...: قرأ ليلة سورة البقرة ، وفرسه مربوط ويحيى إبنه مضطجع قريب منّه وهو غلام ، فهاجت الفرس فقام وليس له همّ إلا إبنه ،فهدأت الفرس ، ثم قرأ فهاجت الفرسُ وتكرر المشهد عدة مرات فسكت خوفآ على إبنه الصغير فرفع رأسه فرأى غمامة مثل المصابيح مقبلٌ من السماء فهالته ، فسكتُ فلمّا أصبح ذهب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره ، فقال صلى الله عليه وسلم : تلك الملائكة دَنَوْا لصوتك ، ولو قرأتَ حتى تصبح لأصبح الناس ينظرون إليهم ! ...وكان فيه مزاح - حيث كان عند النبى -صلى الله عليه وسلم- ، فطعنه النبى -صلى الله عليه وسلم- بعود كان معه ، فقال أسيد: أوجعتنى، فقال النبى: إقتص ، قال : إن عليك قميصآ وليس على قميص ،فكشف النبى -صلى الله عليه وسلم- قميصه، فجعل أسيد يقبل كَشْحَه ( ما بين خاصرته وضلعه من الظهر ) ويقول : بأبى أنت وأمى يا رسول الله إنما أردت هذا...وندم أسيد على تخلفه عن غزوة بدر، وقال: ظننت أنها العير، ولو ظننت أنه غزو ما تخلفت. وقد جرح أسيد يوم أحد سبع جراحات، ولم يتخلف عن غزوة بعدها قط.وبعد وفاة النبى إجتمع فريق من الأنصار فى سقيفة بنى ساعدة على رأسهم سعد بن عبادة، وأعلنوا أحقيتهم بالخلافة، وطال الحوار، وإشتد النقاش بينهم، فوقف أسيد بن حضير مخاطبًا الأنصار قائلاً: تعلمون أن رسول الله كان من المهاجرين، فخليفته إذن ينبغى أن يكون من المهاجرين، ولقد كنا أنصار رسول الله، وعلينا اليوم أن نكون أنصار خليفته. فكانت كلماته بردآ وسلامآ ... وكان أبو بكر -رضى الله عنه- لا يقدم عليه أحدًا من الأنصار، تقول السيدة عائشة: ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد منهم يلحق فى الفضل، كلهم من بنى عبد الأشهل: سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وعباد بن بشر... ولقد عاش أسيد بن حضير رضى الله عنه عابدآ، قانتآ، باذلآ روحه وماله فى سبيل الله، جاعلآ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار نصب عينيه: " إصبروا.. حتى تلقونى على الحوض"..وقد مات أسيد ، وترك عليه أربعة آلاف، وأراد غرمائه بيع أرضه سدادآ للدين وكانت أرضه تغل فى العام ألفآ، فبعث عمر إلى غرمائه : هل لكم أن تقبضوا كل عام ألفا ؟ قالوا : نعم . فردَّ الأرض وباع ثمار نخله أربع سنين بأربعة آلاف، وقضى دينه... وتوفى أسيد -رضى الله عنه- فى شهر شعبان سنة عشرين للهجرة وأصرَّ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن يحمل نعشه على كتفه، ودفنه الصحابة بالبقيع بعد أن صلوا عليه وعادوا إلى المدينة وهم يستذكرون مناقبه ويرددون قول الرسول الكريم عنه: " نعم الرجل.. أسيد بن حضير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق