الأحد، 16 سبتمبر 2012

العباس بن عبد المطلب - ساقى الحرمين

>>>>>>> العباس بن عبد المطلب - ساقى الحرمين - <<<<<<<

إنه العبَّاس بن عبد المطلب بن هاشم -رضى الله عنه- عم رسول الله، ويكنى أبا الفضل، أمه نتيلة بنت جناب بن كليب وهى أول من كسا الكعبة الحرير والديباج، وذلك أن العباس ضاع وهو صغير، فنذرت إن وجدته أن تكسو البيت، فوجدته ففعلت...كان فى الجاهلية رئيسًا فى قريش، وكان يتعهد المسجد الحرام، فيسقى الحجاج ويقوم بخدمتهم، و كان لا يدع أحدًا يسب فى المسجد الحرام، ولا يقول فيه هجرآ وكان ملأ من قريش قد إجتمعوا وتعاقدوا عَلَى ذلك، وقد ورث ذلك عن أبيه عبد المطلب، وكان قبل إسلامه شديد الحب لرسول الله ، ويقف بجانبه، ويدفع عنه أذى المشركين،وكان من أكرم الناس وأجودهم،وصولاً للرحم والأهل، فطنًا إلى حدّ الدهاء، وبفطنته هذه التى تعززها مكانته الرفيعة فى قريش، إستطاع أن يدرأ عن الرسول حين جهر بدعوته الكثير من الأذى والسوء..وكان النبى يحبه حبًّا شديدًا،وحضر مع النبى بيعة العقبة الثانية، ليطمئن عليه وهو لم يعلن إسلامه بعد، فلما إلتقوا، وتواعدوا على أن يكون اللقاء فى اليوم التالى، كان العباس أول من أتى، فبايع الأنصار رسول الله على النصرة والبيعة، والعباس آخذ بيده... [ابن سعد]...فلما كانت غزوة بدر، أمر الرسول المسلمين بأن لا يقتلوا العباس لأنه خرج مستكرهًا، وبعد المعركة إستطاع أبو اليسر كعب بن عمرو -رضى الله عنه- أن يأسر العباس فيمن أسر، وكان قد شد وثاقه، فسهر النبى عليه الصلاة والسلام تلك الليلة ولم ينم لأنين العباس ، فقام رجل من القوم فأرخى وثاقه، فلما علم رسول الله بذلك قال: " فإفعل ذلك بالأسرى كلهم " وفدى يَوْم بدر نفسه بمائة أوقية من ذهب...وفدى إبنى أخويه: عقيل بْن أَبِى طالب، ونوفل بْن الحارث،وحليفه عتبة بن عمرو، وقد أسلم العباس -رضى الله عنه- قبل فتح مكة، وحضر الفتح، وهو الذى طلب الأمان لأبى سفيان بن حرب، وكان سببًا فى إيمانه، وكان يوم حنين ممسكًا بلجام بغلة النبي، وكان ممن إلتفَّ حول الرسول يدافع عنه بعد أن فرَّ أغلب المسلمين، وأخذ العباس ينادى مع رسول الله على المسلمين حتى ثبتوا، وأنزل الله عليهم سكينته، وكان النصر العظيم فى ذلك اليوم... [مسلم]. وعندما خرج الرسول ومعه أصحابه إلى أهل الطائف، عسكر بجيشه فى مكان قريب منها، ثم بعث إليهم حنظلة بن الربيع -رضى الله عنه- ليكلمهم، فلما وصل إليهم خرجوا وحملوه ليدخلوه حصنهم ويقتلوه، فلما رأى الرسول ذلك، خاف على حنظلة، وقال: مَن لهؤلاء؟ وله مثل أجر غزاتنا هذه [ابن عساكر].. فأسرع العباس ناحية الحصن وأدرك حنظلة، فإحتضنه وخلصه من أيديهم، وقد نجا من هلاك محقق...وكان النبي يحبه حبًّا شديدًا، ويقول : من آذى عمى فقد آذانى، فإنما عم الرجل صنو أبيه (أى مثل أبيه) [الترمذي]. وقد كان العباس أكبر سنًّا من النبى، فقد ولد قبله بثلاث سنين، ومن حسن أدبه أنه لما سُئل: أأنت أكبر أم رسول الله؟ قال: هو أكبرمنى، وأنا ولدت قبله [الطبراني]. 70]... ويروى أن رجلا من الأنصار سبَّ أبا للعباس كان فى الجاهلية، فغضب العباس ولطمه، فجاء الأنصارى إلى قومه، فقالوا: والله لنلطمنه كما لطمه، فلبسوا السلاح... فبلغ ذلك النبى فصعد المنبر، وقال: أيها الناس، أى أهل الأرض أكرم على الله؟ قالوا: أنت... قال: فإن العباس منى وأنا منه، لا تسبُّوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا... فجاء القوم فقالوا: نعوذ بالله من غضبك يا رسول الله. [أحمد وابن سعد والحاكم]... وقال عنه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "هذا العباس بْن عبد المطلب أجود قريش كفًا وأوصلها"، وهذا بقية آبائي... وكان للعباس مكانة كبيرة فى قلوب المسلمين، وعظماء الصحابة، فيروى أن أبا بكر الصديق -رضى الله عنه- كان جالسًا بجانب النبى فرأى العباس مقبلاً، فقام أبو بكر له وأجلسه مكانه بجوار رسول الله، فقال النبى لأبى بكر: إنما يعرف الفضل لأهل الفضل أهلُ الفضل [ابن عساكر]... وكان أبو بكر إذا قابل العباس نزل من على دابته، وسار معه إحترامًا وإكرامًا له حتى يصل العباس إلى المكان الذى يريده، وكان على بن أبى طالب يقبل يد العباس ويقول له: يا عم، إرض عنى... وقد كان للعباس ولدان، هما عبد الله بن عباس حَبرْ الأمة، وعبيد الله بن عباس... وفى خلافة عمر -رضى الله عنه- أجدبت الأرض وأصابها الفقر الشديد، فخرج الناس إلى الصحراء ومعهم عمر والعباس، فرفع عمر بن الخطاب يديه إلى السماء، وقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيِّنا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فإسقنا.. [البخاري] فإمتلأت السماء بالغيوم والسحاب، وأنزل الله غيثه، ودخل عليه عثمان بن عفان، فقال: يا خال، أوصنى فقال : "أوصيك بسلامة القلب، وترك مصانعة الرجال فى الحق، وحفظ اللسان، فإنك متى تفعل ذلك تُرضى ربك، وتصلح لك رعيتك"...وكان يقول لعبد الله بن العباس -رضى الله عنهما- ناصحًا: "يا بنى، إن الله قد بلغك شرف الدنيا فاطلب شرف الآخرة، وأملك هواك، وأحرز لسانك إلا مما لك"... ويروى أنه أعتق عند وفاته سبعين عبدًا...وتوفى العباس بالمدينة سنة إثنان وثلاثون للهجرة، وكان عمره ثمان وثمانون عامًا، وخرج الناس لتشييعه فى أعداد هائلة لم تعهد المدينة مثلها ، وصلى عليه خليفة المسلمين عثمان بن عفان ، وورى الثرى فى البقيع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق